کد مطلب:163902 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:226

کربلاء ینبوع الثورات
لقد شحنت كربلاء إردة الامة بالعزیمة الراسخة، بما بلورت الاحاسیس الخیرة فی الانسان، ذلك لان للانسان مخزوناً كبیراً من العقل والارادة والعاطفة، وغالباً ما یموت الانسان قبل أن یستفید من هذا المخزون الضخم إلا شیئاً قلیلاً، وان من أهداف رسالات السماء ومصلحی البشر اثارة دفائن العقول، وشحذ وتحریك الارادة والعاطفة، واستخراجها من باطن الانسان الی واقعه، وهذا ما فعلته ملحمة كربلاء تماماً، فقد كانت هی الطلیعة والقدوة لجهد الانسان فی تفجیر مخزونه الارادی والعقلی والعاطفی. ففی بعض الاحادیث نقرأ عن الامام الحسین (ع).

«السلام علیك یا قتیل العبرات، وأسیر الكربات».

فملحمة كربلاء لا زالت عبر التاریخ تستدر دموع الناس عامة، وخاصة الموالین، ومجالس العزاء كانت ولا تزال تقام علی مدار أیام السنة لا سیما فی شهر محرم الحرام، وكذلك فان ذكر الامام الحسین أصبح علی كل لسان وفی كل مكان بل فی كل مناسبة، ویحق لنا أن نتساءل: لماذا كان الامام الحسین (ع) كذلك؟

لقد قام الامام الحسین (ع) بثورة وتحول مع مرور الزمن الی ثورة، بل الی مفجر للثورات فی ضمیر الانسان، ولم یعد الامام الحسین (ع) ذلك القتیل علی رمضاء كربلاء، ولم تعد عاشوراء تلك الفترة المحدودة من الزمن فقد أصبح الامام رمزاً للثورة، وحینما نذكر الامام الحسین (ع) تجری دموعنا وتلتهب مشاعرنا وعواطفنا بصورة ارادیة وغیر ارادیة، ویعبر عن هذه الحقیقة حدیث شریف جاء علی لسان النبی آدم (ع) یخبره فیها بالحوادث التی ستقع فی الارض من بعده، ومن جملة ما أوحی الیه قصة رسالة خاتم الانبیاء والرسل أجمعین علیهم السلام وبین له بأن الائمة والاوصیاء من بعده منه، فلما انتهی الی ذكر الامام الحسین (ع) قال آدم:

«انی استبشر كلما مر علیّ اسم من أسمائهم إلا عند ذكر الامام الحسین (ع) فإنی أشعر بالحزن والكآبة، فلماذا؟، فأوحی الیه الله سبحانه وتعالی بقصة كربلاء بصورة مفصلة».

هكذا تصور لنا الاحادیث المأثورة تحوّل الامام الحسین (ع) من شخص الی رمز، ومن رمز الی مسیرة، ومن مسیرة الی حقیقة ثوریة، وعندما نقول بأن الامام الحسین (ع) كان ثورة فهذا یعنی ان كل قلب یتفجر ثورة حینما یرتبط بینبوع الامام (ع) و حینما یذكر الامام الحسین (ع) تقفز الی الاذهان فكرة الشهادة والبطولة والفداء، وكل معانی العمل من أجل الله والمستضعفین والمحرومین فی الارض، وكلما تجددت ذكری عاشوراء تفتحت أبصارنا لمآسی أكثر بكثیر مما جری فی صحراء كربلاء من الاثارة، وتفجیر الطاقات، حیث ان ملایین البشر علی امتداد الارض یتحولون فی یوم عاشوارء تحولاً ثوریاً. یغذیهم بمعانی الثورة خلال السنة كلها.

ویتجدد ذلك فی كل عام فی أكثر من بلد وقطر، فی الولایات المتحدة الامریكیة مثلاً وفی مبنی هیئة الامم المتحدة بالذات تقام ذكری الامام الحسین (ع) الشهید فی محرم الحرام، وكذلك فی افریقا وروسیا والصین تجد مثل هذه المناسبات حیث تتجدد ملحمة كربلاء فی النفوس بل فی الحیاة الاجتماعیة لملایین من البشر لیتزودوا منها فی عامهم الی العاشوراء المقبل.